آخر الأخبار

ستطيرُ.. يعني... ستطيرُ

قالوا: لماذا تتشبث ُ بالمكان؟ والفرصة متاحة لك للتحليق نحو الأفق، حتى تبلغ غيمات مشبعة بماء يُطهر جسدك، من عرق الجلوس فوق مقعد خريفي مل جلوسك.
قلت: لو فرشتم لي جناحي هدهد، وهدلَ لي حمامٌ، فلن أفارق الحصى التي عودتني المرور فوقها دون أن تجرح نعلي، ولن أطير حتى لو جاءت العنقاء بذاتها من أرض الفينيق لتقلني إلى منفاي الآخير.

قالوا: لا تتمنى على الفنيقيه أن تكون شراع قاربك المكسور، فنحن ابناءها، وقد نفضنا عن كواهلنا، وعدنا بوهج برق، يضيئ الدرب لجيل أعمته الحلكة، وأضله الليل.
قلت: أنتم تبحثون عن طير يغامر التحليق نيابة عنكم، فأنا لست عباس بن فرناس لأقفز في الهواء وأدق عنقي .... ولكن مهلا .. لماذا قد تم اختياري ؟ فصقاع الأرض مليئة بمثلي، وكثيرة بمثلكم... ثم سَمّرْتُ قدمي في الأرض وقلت :" لن أطير، لن أطير... ".

قالوا: كثُرت أخطاءك، وأغوتك قدرتك المطلقة على المضي في التيه والخيلاء والغي، فطر بمحض إرادتك، وإلا استعنْا عليك بعباد وطعاة الله على الأرض ، فيرصون
في دربك شجيرات يابسة، وينفخون فيها ناراً، من لعنة وغضب، فتصيب منك عضالا لا شفاء منه، فاختر بنفسك مصيرك الذي قدرناه لك.

عندما وصلت رسالتهم هذا الحد من الجد، أدركت أنهم مقبلون علي مثل زمهرير وريح صرصر، مبتغاهم شخصي لا غير.... فكرت وفكرت وقلت في نفسى :"اني أحس بالظلم، لم أعتدِ يوما ولم أسرق، ولم أغازل إمرأة سوى التي أحببت، ولم أشته أرض جاري.. ربما قسوت قليلا ، وربما أخطأت، ولكن على نفسي أيضا قسوت."
ثم قلت لهم : كما ولدت فوق الأرض سأبقى فوق ترابها أسير، أما طيراً فلن أصير.
ثم قمت من فوق الكرسي الذي جلست عليه طويلا ، رمقته بنظرة عتاب ، فرمقني بالسخرية ...