من منكم لا يذكر محمود علوش ، ذلك الفتى الظريف الذي كان ديدبانه تمشيط الكورنيش من المسلخ القديم لغاية جب الطاحون جيئة وذهاباً ، لا يثنيه عن مهمته السامية تلك حر أو برد أو مطر ، ملاحقاً كل أنثى ، حتى العجائز منهن لغاية بيوتهن دون كلل أو ملل لمجرد أن المسكينة منهن قد إلتقت عينها بعينه صدفة ودون قصد أو تركيز .
لقد كان أشبه بتكسي مرسيدس مدعبل لا يمل من خط سيره الأزلي صيفاً شتاءً ( المسلخ ـ جب الطاحون وبالعكس )
فقد كان المرحوم محمود ( كما تعلمون )مغرماً بالجمال ، وقد أحب ( من طرف واحد ) جميع الفتيات والنسوة والأرامل من شط البحر عند جب الطاحون مروراً بالمريج والدريبة والعمارة والجبيبات وإنتهاء بأبعد قرية عند حدود سهل الغاب ، وربما إمتد حسه العاطفي إلى أبعد من ذلك بكثير ، وصولاً إلى الصين.
وله قصيدة شهيرة في إحدى جميلات الجبيبات :
أما كفاك دلالاً يابنة القدر
حتى أبوك على الحب العظيم خري
ذهبت أطلب منه مصاهرة فقال لي
لا أزوج إبنتي بإبن النورِ
وأخرى في جميلة إسمها نغم :
عشقتك يا نغمٌ ونور الفجر قد لاحَ
فأنت والله مثل نور القداحه
وغيرها كثير من أوابد الشعر وفرائده ، إيه .. الله يرحمو ، كان أحد الرموز العتيدة للمدينة الجميلة .
أذكر أنه كان في إحدى المرات غاضباً من الشاعر حافظ أحمد شنبرتي ، وكان المرحوم أبو بكر يومها قد أصدر باكورة أعماله الشعرية بعنوان (( مزامير أوديب )) ، وهى مجموعة ـ لمن لا يعلم ـ أكثر من رائعة ، المهم أن علوش أراد إغاظة الشنبرتي في الصميم فقال له : مهما حاولت فلن تصل لربع مستوى عماد جنيدي ، فشعره أحلى بألف مرة من ديوانك ( مزامير أبو ديب ) ، وهنا إنفجر المرحوم الشنبرتي ضاحكاً .
رحم الله كليهما .
إضافة تعليق جديد