يرقد رفاة السباح العالمي محمد زيتون على بعد أمتار من شاطئ جبلة لتتنشق روحه ليل نهار هواء البحر، لطالما أحبه وعشقه بكل جوارحه، فكان يرتمي بأحضانه ويداعب أمواجه ويسبح الساعات تلو الساعات دون كلل أو ملل، لايمكن الحديث عن السباحة وعالم السباحة دون ذكر اسمه، لقب بالطوربيد البشري وبتمساح العرب ودلفين البحر والحصان العربي الأصيل، وكان السباح الوحيد الذي يقطع المسافات الطويلة في البحر دون استخدام النظارات الواقية، واليوم تمر الذكرى الـ 44 لرحيله للعالم الآخر والذي ترك وراءه الكثير من البطولات والانجازات التي مازالت تخلد ذكراه. يقول لؤي زيتون الأخ الأصغر للبطل العالمي: ولد محمد عام 1941 نشأ وترعرع في مدينة جبلة الوادعة، كان مولعاً بالرياضة بشكل كبير، بدأ ركوب الخيل منذ السادسة من عمره ثم استهوته رياضة السباحة فكان يترك المدرسة لممارسة الرياضة، وكان عشقه لمياه وهواء البحر لامثيل له.. عمل في بداية حياته في مهنة تقطيع الأحجار التي ورثها عن أجدادنا، وبعد الانتهاء من عمله في منطقة الشقيفات والتي كانت تكثر فيها الصخور وتقع في منتصف المسافة بين اللاذقية وجبلة كان يقول لزملائه في العمل ان يأخذوا ثيابه معهم وأن يقابلوه في الميناء ليقطع المسافة بين الشقيفات وجبلة سباحة مايقارب 15 كم وليلاً كان يعمل في صيد الاسماك بالزوارق. بدأ بالمشاركة ببطولات السباحة في عام 1958 وراح ينتقل من فوز الى فوز ومن نصرالى نصر ويرفع اسم بلاده عالياً في الكثير من المحافل الدولية الى أن وافته المنية في 28/ 9/ 1964 قبل يومين من سباق قناة السويس الدولي عندما كان ذاهباً للمشاركة وهو يقود سيارته في بلدة (كبريت) المصرية الى الاسماعيلية. وفي جميع البطولات التي شارك فيها كان نصيبه المركز الأول دون منازع واولى مشاركاته عام 1958 ببطولة لسباق 1500 للرجال في المسبح البلدي بدمشق، وفي العام نفسه بطولة سورية للمسافات الطويلة بين جبلة واللاذقية، كذلك فاز بسباق التحمل للسباحة المتواصلة لمدة خمس ساعات في المياه الباردة في دمشق والتي جرت شتاء في المسبح البلدي وهو الوحيد الذي استطاع ان يتابع ويستمر إلى النهاية.. وفي عام 1959 وأثناء مشاركته ولأول مرة خارج سورية فاز بسباق النيل الدولية للسباحة كما احتل في العام نفسه المركز الأول في السباق الدولي بصيدا بيروت في السباحة للمسافات الطويلة 44كم وهو مسجل باسمه حتى الآن. ومثل سورية في عام 1960 في سباق بطولة العالم للمسافات الطويلة «كابري نابولي» 33 كم في ايطاليا وفاز هناك بالمرتبة الأول على مستوى الهواة والمحترفين وحطم الرقم القياسي للسباح الأميركي جون ويسملير الملقب بطرزان وفي عام 1961 شارك باسم سورية ببطولة كابري نابولي كما فاز بجميع البطولات التي جرت في سورية في العام نفسه ومنها على سبيل المثال سباق المسافات الطويلة بين جزيرة ارواد وبانياس 45كم. وفي زمن الانفصال ذهب إلى مصر وهناك شارك بالعديد من البطولات التي جرت في القطر المصري وكان نصيبه المرتبة الأولى في جميعها مثل سباقات النيل والاسكندرية والقنال. وفي عام 1964 فاز للمرة الثالثة في سباق كابري نابولي لبطولة المسافات الطويلة، وفي سباق المسافات الطويلة في بحيرة «أوهاريد» في يوغسلافيا وفي سباق كندا في البحيرات الباردة للمسافات الطويلة. ثم عاد ليفوز بسباق الاسكندرية الدولي للمسافات الطويلة 40كم حيث صنع معجزة في نهاية السباق فبعد ملامسته خط النهاية صعد لوحده إلى الزورق الذي كان ينتظر السباحين ثم عاد وقفز إلى الماء سابحاً إلى السلم ليصعد برشاقة ويخرج راكضاً إلى مستقبليه في حين جميع السباحين في العالم لايخرجون في مثل هذه السباقات إلا وقد حل بهم الاعياء والتعب ولايستطيعون الحراك. وتكريماً وتخليداً لاسم السباح العالمي سمي باسمه جامع وحديقة في مصر وكذلك شارع ومسبح في مدينته جبلة.